العودة للخلف

الوباء - 1 ( الوباء من الله تعالى )

تاريخ النشر: 13 / 08 / 2025
: 17

سلسلة مقالات في الوباء ، وكان كتابة هذه المقالات (أيام كورونا)

الوباء من الله تعالى

أخرج الإمام مسلم (2014) من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي  قال: «غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ، لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ»

ورواه أيضًا من طريق نصر الجهضمي بلفظ : «فَإِنَّ فِي السَّنَةِ يَوْمًا يَنْزِلُ فِيهِ وَبَاءٌ». قال: وَزَادَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: قَالَ اللَّيْثُ: فَالْأَعَاجِمُ عِنْدَنَا يَتَّقُونَ ذَلِكَ فِي كَانُونَ الْأَوَّلِ.

تخريجه:

أخرجه أيضا أحمد في المسند (23/ 129/ 14829)، والبيهقي  والبغوي وأبو يعلى وغيرهم.

تحقيق لفظه:

روي بلفظ: (ليلة) وبلفظ (يومًا)، وجمع بينهما أكثر الشراح، ولم يرجِّحوا بينهما.

وأما العلامة الألباني فمال إلى الترجيح فقال في الصحيحة (7/ 206):  وجمع النووي بين الروايتين: (ليلة) و (يوماً) بقوله: "لا منافاة بينهما؛ إذ ليس في أحدهما نفي الآخر".

فأقول: كان ينبغي أن يكون الأمر كذلك؛ لولا أن تتبُّعَنا للرواة عن الليث بن سعد قد دلَّنا على شذوذ رواية: "يوما"؛ لتفرد الجهضمي بها مخالفاً الثقات الخمسة الذين رووه باللفظ الأول، فاتفاق هؤلاء عليه يدل على وهَم الجهضمي وشذوذ روايته، والشذوذ يثبت بأقل من هذا؛ كما يعرف ذلك من له ممارسة في هذا العلم الشريف.  ويشبه هذا الشذوذ ما وقع في حديث عمر؛ أنه نذر في الجاهلية أن يعتكف ليلة.. الحديث، وفي رواية لمسلم: "يوماً"، فحكم الحافظ عليها بالشذوذ؛ مع أن الذي خالف فيها شعبة. انظر "الفتح" (4/274)؛ و"صحيح أبي داود" (2137). انتهى المراد

غريب الحديث:

(الوباء) : مرض عام يفضي إلى الموت غالبًا. والحديث محمول عليه، على أنواع منه، ولا مانع من ذلك وهو ظاهر اللفظ، وما ذكره الأبي في شرحه؛ تعقَّبه الإثيوبي عليه في (البحر) بأنه لا معنى له.

(كانون الأول) شهر معروف، قال ابن الملقن في التوضيح (29/ 154) : قلت: وهو في شهور القبط كيهك. انتهى.      قلت: وهو يوافق: شهر ديسمبر.

ومن الموافقة: أنَّ المرض المشهور الناتج عن فيروس كورونا ظهر في شهر ديسمبر !! .

من أسرار الحديث:

قال ابن القيم في (زاد المعاد) عقب الحديث: هَذَا مِمَّا لَا تَنَالُهُ عُلُومُ الْأَطِبَّاءِ وَمَعَارِفُهُمْ، وقد عرفه من عرفه من عقلاء الناس بالتجربة.

من فوائد الحديث المهمة:

فيه : أن الأوبئة ابتلاء عام من الله، ورفعه، والشفاء منه لا يملكه إلا الله تعالى (وإذا مرضت فهو يشفين)

وفيه: أن ذكر الله تعالى يدفع الوباء والبلاء بإذن الله.   وفيه : أن تعاطي الأسباب مما يدفع الوباء بإذن الله.

وفيه: أن بعض الأوبئة تنتشر في الهواء فتصيب من شاء الله، ومن تحرَّز منها بالأسباب الشرعية فهو في ضمان الله تعالى.

؛؛؛؛      والله أعلم وأحكم     ؛؛؛؛

كتبه: أبو محمد عبد الله بن لمح الخولانـي

مكة المكرمة

جميع الحقوق محفوظة © موقع الشيخ ابي محمد عبدالله بن لمح الخولاني - 2025
تم نسخ الدعاء بنجاح